تابعت كالعديد من التونسيين والمغاربة الخلاف الناشئ حول نهائي دوري ابطال أفريقيا وقرار الكونفدرالية الافريقية لكرة القدم إعادة إجراء المباراة في ملعب محايد .شخصياً لا تهمني ملابسات هاته القضية ومن هو على حق، لكن ما أثار حزني من خلال تتبع النقاش في الإعلام وخصوصاً في شبكات التواصل الاجتماعي هو طبيعة الخطاب الذي يتسم بالعنف والإقصاء والكراهية والحقد من شعبين شقيقين يتقاسمان الدين واللغة والتاريخ وحتى طبق الكسكس ويعانيان اليوم من نفس المشاكل الاجتماعية والاقتصادية. ما أثار حزني كذلك حجم المتابعة الهائلة لهذا الخلاف.
ما يجري الأن بين الترجي والوداد ليس حالة منعزلة بل نلمسها دائماً في اللقاءات الكروية داخل البلد الواحد وبين البلدان العربية مثلاً: نزاع كأس العالم بين مصر والجزائر سنة 2009.
هنا تطرح مجموعة من الأسئلة: ألا تكرس صناعة كرة القدم انقساماتنا ونبذ الآخر داخل المجتمع الواحد وبين الأقطار في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تقارب؟ ألا تستحوذ صناعة كرة القدم على موارد مالية ضخمة نحن في أمس الحاجة إليها لرفع تحديات مستعجلة؟ ألا تشغلنا صناعة كرة القدم عن الإشكالات الحقيقية التي لا ينطبق عليها المثل “كم حاجةً قضيناها بتركها”؟ ألم تصر العديد من مباريات كرة القدم معارك حقيقية تأتي على الأخضر واليابس وتكرس السلوك الهمجي والعدواني؟
في تقديري، مفاسد كرة القدم في الوطن العربي اليوم أكثر بكثير من مصالحها. شخصياً أحب كرة القدم، أحب كرة القدم التي لعبناها في الأحياء التي لا تتطلب شيء والتي تتسم بالندية والمرح خصوصاً خلال شهر رمضان. أحب كرة القدم “الرياضة” التي تعلمنا قيم العمل الجماعي والمنافسة واحترام الآخر وليس “الصناعة” التي لا يهمها إلا المال والتي تجعلنا أكثر تخلفاً وتعصباً وانقساما.